الطالبات من لجنة إماء الله في النرويج يتشرفن بلقاء حضرة خليفة المسيح الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد
"حين تقدِّم الأمهات قدوةً حسنة أمام أبنائهن، فإن الجيل التالي سينشأ على الصلاح بصورة تلقائية."
في 05/10/2025 التقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية، خليفة المسيح الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد، بأكثر من 80 عضوة في لجنة إماء الله في النرويج، من بينهن عضوات في الهيئة الإدارية الوطنية وعدد من الطالبات، وذلك في مجمع المسجد المبارك في إسلام أباد.
وخلال اللقاء، أُتيحت للطالبات فرصة طرح الأسئلة وطلب التوجيه من حضرة الخليفة حول مجموعة من المسائل الدينية والدنيوية المعاصرة.
سألت إحدى الحاضرات حضرة الخليفة عن كيفية الرد على الملحدين الذين يقولون إنهم لم يختاروا أن يُولدوا، ولم يطلبوا من الله أن يخلقهم أو يخلق العالم، ولذلك لا يرون غاية من الوجود. فأوضح حضرته أن على هؤلاء أن يتذكّروا أنهم مع ذلك ينعمون بالخيرات الكثيرة والنعم التي منحهم الله إياها في هذا الكون.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن عقيدتنا هي أن الله تعالى وحده هو المالك، وهو الذي خلق جميع المخلوقات والكائنات المتنوعة التي لا تُحصى – من حيواناتٍ وأُسودٍ وفيلةٍ وغزلانٍ وغيرها. وهو الذي أنبت الأشجار وأقام الجبال. وقد ذكر القرآن الكريم أنها جميعها تُسبّح بحمد الله لأنها تعرف كيف تعبّر عن امتنانها لله؛ وأن عليكم فعل ذلك أيضًا."
ثم تحدث حضرة الخليفة عن الاتساع الهائل للكون، وعن ضآلة شأن الإنسان بالنسبة إلى هذا الخلق العظيم، ومع ذلك، بيّن أن الله تعالى منح كل إنسان نعمًا لا تُحصى، تستوجب دوام الشكر والاعتراف بفضله.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"الكون بأسره فسيحٌ جدًا. فإذا نظر المرء إلى خريطة الكون ورأى المجرّات – التي أصبحت صورها متاحة الآن – يجد أنه في خضم هذه المجرات المليئة بالنجوم والكواكب، لا تظهر الأرض حتى كنقطة مرئية.... فهي صغيرة إلى درجة أن قيمة الإنسان أقل من قيمة جرثومة مجهرية. ومع ذلك، شاء الله تعالى أن يخلق هذا الكون العظيم، ويقول إن من فضله عليكم أنه خلقكم رغم ضآلة شأنكم وصِغَر أرضكم وهوان وجودكم. ولذلك يليق بكم أن تشكروه، لأنه خلقكم وأسبغ عليكم نِعَمه التي لا تُعدّ، ويسّر لكم العيش في راحةٍ في هذه الدنيا."
ثم سألت إحدى الحاضرات حضرة الخليفة عن نصيحته للرجال والنساء الباحثين عن شريك حياة مناسب، وما الخطوات التي ينبغي لهم اتخاذها قبل الزواج.
فقال حضرته:
"لقد نصحت مرارًا الرجال الأحمديين بأن يُصلحوا أنفسهم، ووجهت النصيحة نفسها للنساء الأحمديات. فعلى كلٍّ منهما أن يسعى لتحقيق الغاية الحقيقية من الزواج. وقد بيّن الله تعالى في القرآن الكريم حقوقًا كثيرة لكلٍّ من الرجال والنساء. فقال للرجال: "وعاشروهن بالمعروف"، أي على الأزواج أن يعاملوا زوجاتهم بالمحبة والرحمة. وقد ضرب النبي ﷺ أروع الأمثلة في هذا السلوك، إذ أظهر من خلال أفعاله كيف يُكرم المرء زوجته ويُحسن إليها."
وأوضح حضرة الخليفة أن المسيح الموعود عليه السلام أبدى غضبًا شديدًا ذات مرة على أحد أصحابه بسبب قسوته على زوجته، وأنه وبّخه توبيخًا لم يُرَ له مثيل، حتى تأثر الصحابة بذلك تأثرًا بالغًا، فذهب أحدهم – وكان قد أساء معاملة زوجته – إلى السوق واشترى لها هدية ثم عاد إلى بيته وخاطبها بلطف وحنان، فتعجبت من تغيّره، فقصّ عليها ما رآه في المسجد وكيف تاب إلى الله على تقصيره.
وبيّن الخليفة أن هذا مثال على أن الإسلام يأمر الرجال بالتعامل بأقصى درجات العناية واللطف مع زوجاتهم، كما يأمر النساء باحترام ورعاية أزواجهن، فلكلٍّ منهما واجبات أخلاقية تجاه الآخر، وينبغي للطرفين أن يجتهدا في أداء هذه الحقوق المتبادلة بالفعل والقدوة الحسنة.
ثم سألت إحدى الحاضرات الخليفة عن كيفية حصول لجنة إماء الله في النرويج على مزيد من التقدير داخل المجتمع النرويجي وكيف يمكن أن يصبحن قدوةً حسنةً للآخرين.
فقال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"عليكن أن تُقِمن الندوات لتوضحن ما يعلّمه الإسلام في مختلف القضايا – ما يقوله الإسلام عن حقوق المرأة، وعن الربا والمسائل الاقتصادية، وعن الزواج وحقوق وواجبات الرجال والنساء.... وكذلك نظِّمن ندوات حول القضايا المعاصرة، وبيّنَّ ما يقوله الإسلام والقرآن الكريم وتعاليمه بشأنها – بما في ذلك الموضوعات المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا الحديثة وسائر العلوم."
وأضاف حضرة الخليفة قائلًا:
"أقِمن لقاءاتٍ حوارية بين الأديان حيث يقدّم ممثلو كل دين محاسن دينهم، ثم قدّمن أنتنّ ما يعلّمه الإسلام. وسيدرك الناس بأنفسهم أي التعاليم أسمى."
وأوضح حضرة الخليفة أن كتاب "فلسفة تعاليم الإسلام"، الذي حاز تقديرًا واسعًا منذ نشره، كان في الأصل محاضرة ألقاها المسيح الموعود عليه السلام في مؤتمر للأديان في الهند عام 1896، واتسمت المحاضرة بالتركيز على إبراز جماليات الإسلام بدلًا من انتقاد الأديان الأخرى.
وقال حضرة الخليفة:
"لقد وُلد كتاب "فلسفة تعاليم الإسلام" من هذا النهج بالذات، حيث عرض المسيح الموعود عليه السلام من خلاله جمال الإسلام وحقائقه، مبيّنًا تعاليمه في الجوانب الأخلاقية والروحية المختلفة. وقد عرض الهندوس ديانتهم، والمسيحيون دينهم، لكن المقال الذي قدّمه المسيح الموعود عليه السلام كان أكثرها إعجابًا، ونال في النهاية المركز الأول بينهم..... لذلك، لا تقلن إن ديننا أفضل، لأن مثل هذا القول قد يُحدث نفورًا، بل بيّنّ محاسن الإسلام واتركن للناس حرية القبول أو الرفض؛ فذلك هو الأسلوب الصحيح للتبليغ"
ثم أوضح حضرة الخليفة أن من واجب كل عضوة في لجنة إماء الله أن تكون قدوة حسنة، وهذا يتطلب أن تُطبّق ما تدعو إليه.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"يجب أن يكون الصدق سمةً بارزة في شخصيتنا، مع الأمانة والاجتهاد والعمل بما نقول. فالقرآن الكريم يقول "لمَ تقولون ما لا تفعلون" فقد نهانا الله تعالى عن الحديث بما لا نعمل به، لأن مثل هذا القول لا يُثاب عليه الإنسان بل يُؤثَم به. لذا، عليكن أن تكنّ قدوةً حسنة. فإذا قدّمت الأمهات مثالًا صالحًا أمام أبنائهن، فإن الجيل التالي سيُصلَح تلقائيًا. أمّا ترسيخ الهوية والاعتراف بها فيحتاج إلى جهدٍ كبير وتضحية – وهو جهادٌ حقيقي"
ثم أشار حضرة الخليفة إلى أنه كما يجتهد الإنسان في تحصيل الدرجات العلمية، يجب أن يجتهد أيضًا في ترسيخ هويته الأخلاقية والروحية.
وفي ختام اللقاء، سألت إحدى الحاضرات حضرة الخليفة عن كيفية تميّز لجنة إماء الله في النرويج في خدمة الإنسانية، وكيفية جعل جهودها أكثر وضوحًا للناس.
فأجاب حضرته بأن من واجب كل مسلم أن يسعى سعيًا نشطًا في خدمة البشر – لمساعدة الفقراء والمحتاجين، ودعم المسافرين، ومساعدة المثقلين بالديون، وكل من هو في ضيقٍ أو حاجة.
وعندما أُبلغ الخليفة بأن عضوات لجنة إماء الله في النرويج يساهمن في مشاريع خيرية في النيجر، شجعهن على المزيد من البذل والعطاء وخدمة الإنسانية، ونصحهن بأن يسعين إلى إنشاء آبار مياه ومستشفيات وعيادات ودور أيتام في النيجر، حتى يصبحن مثالًا مشرقًا في المواساة وخدمة الإنسانية.