إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية يلقي الخطاب الختامي للاجتماع الوطني لمجلس أنصار الله في المملكة المتحدة
"في ظل الظروف الحالية، يجب أن نولي اهتمامًا خاصًا للصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)" - حضرة ميرزا مسرور أحمد
في 28/09/2025، ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد، خطابًا ملهمًا للإيمان في ختام الاجتماع الوطني لمجلس أنصار الله في المملكة المتحدة، وهي المنظمة الفرعية للجماعة الإسلامية الأحمدية، للرجال الذين تبلغ أعمارهم 40 عامًا فأكثر.
حضر الفعالية، التي استمرت ثلاثة أيام، والتي عُقدت في هوك لين في بوتنهام، ما يقرب من 8000 عضو من أعضاء مجلس أنصار الله والضيوف. وقد حفّز الاجتماع الحضور على ممارسة دينهم بإخلاص.
في مستهل خطابه، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"في جماعة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، الجماعة الأحمدية، أنتم معشرَ "أنصار الله" فئةٌ قد بلغت عمر النضج الكامل من حيث الآراء والخبرة، ومن هنا يمكن القول إنه ينبغي أن تكونوا قدوة ونموذجا لأبناء الجماعة. فعليكم أن تفحصوا أنفسكم لتروا ما إذا كنتم بالفعل قدوة يحتذى بها، وما إذا كنتم قد أحرزتم أو سعيتم لإحراز المعايير الحقيقية لذلك. فإذا كان الجواب بالنفي فهذا يبعث على قلق بالغ، ذلك لأن الأجيال القادمة ستسعى لإصلاحها أو تتلافى أخطاءها برؤية قدوتكم".
وأوضح حضرته أن الشرط الأساس للوفاء بهذه المسؤولية هو التقوى، التي تُجنّب المرء المفاسد وتفي بعهد البيعة. ثم استشهد بقول المسيح الموعود (عليه السلام): "اتّقوا الله، فإن التقوى أصلُ كل شيء". وأوضح حضرته أن معنى التقوى هو تحصين النفس من كل معصية خفية وباطنة.
ولفت الخليفة انتباه الحضور إلى أول وأعظم شروط البيعة: اجتناب الشرك. وحذّر من أن الشيطان قد يُدخل الشرك في القلوب من خلال طرق خفية، قد لا ندركها.
وقال مستشهدًا بأقوال المسيح الموعود (عليه السلام)، إن التوحيد الحقيقي يتجاوز مجرد الإقرار اللفظي بـ "لا إله إلا الله". وأوضح أن من يُعلي من شأن حكمته أو خداعه أو خططه، أو يعتمد على غيره من البشر كما ينبغي لله، أو يُعلي من شأنه فوق الله، فهو مُشرك. وأكد على أن الأوثان لا تقتصر على الأشياء المادية، فكل شيء، أو قول، أو عمل يُعطَى عظمةً هي مِن حقّ الله وحده، هو وثن عند الله تعالى.
وقال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"هذا هو التعريف الدقيق للشرك، والذي يجب أن نضعه في الحسبان ونفكر فيه دومًا. وإننا نقع اليوم، بتأثير البيئة حولنا وبسبب استغراقنا في الأفكار المادية، في أمور كثيرة هي شرك خفي".
بعد ذلك، سلّط حضرته الضوء على وصية المسيح الموعود (عليه السلام) للمبايعين بتجنب الكذب، مؤكدًا أن الكذب شرٌّ عظيم. وأشار إلى الآية القرآنية: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾، مؤكدًا على الضرر المعنوي للكذب. واستشهد بحديث للنبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) يؤكد خطورة الكذب.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"ورد في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِن النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا (أي لن يتخلص من النفاق حتى يتركها.هذه الأمور الأربعة هي:) وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ (أي يخلط الكذب في حديثه. ثم قال: "وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ. والأمر الثالث هو: إذا وعدَ أخلفَ". وهذا أيضا نوع من الكذب. علمًا بأن هناك معاهدات خطية وغيرها يعاهدها المرء بشأن التجارة وغيرها من المعاملات، ثم هناك وعود يعدها المرء وتبدو ضئيلة الشأن، ولكنها أيضا غاية في الأهمية ونكث العهد أو الوعد يؤدي إلى النفاق. ثم قال صلى الله عليه وسلم: "وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ". وهذا هو الأمر الرابع".
وبالانتقال إلى مسألة أخرى، أكد الخليفة أن الوفاء بشروط البيعة يتطلب تحصين النفس من الرذائل، بما في ذلك الزنا والفجور. وفي معرض تسليطه الضوء على تحديات العصر، أشار حضرته إلى أن البرامج غير اللائقة على التلفاز أو الإنترنت قد تقود حتى كبار السن إلى مثل هذه الشرور، مشددًا على أهمية تجنب المحتوى الذي قد يثير أفكارًا وأفعالًا غير لائقة.
وأشار حضرته مجددًا إلى هدي المسيح الموعود (عليه السلام)، مؤكدًا على أن من يبايعه أن يبتعد عن الكذب والغدر، وألا يأخذ ما ليس له بالسوء أو الأذى. وأضاف أن على الأحمديين أيضًا تجنب الفوضى والتمرد، والتحلي بالصبر، ومقابلة الشر بالإحسان، والالتزام بقانون البلاد.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
قال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام: "قابلوا السيئة بالحسنة. فإذا استعد أحد للفساد فالأفضل أن تنسحبوا من أمامه، ورُدُّوا عليه باللين". ولإظهار هذه القدوة، من الضروري الابتعاد عن الفساد بشدة. ولهذا الغرض يجب علينا أن ندعو حتى لمعارضينا. لا يكفي الابتعاد عن الفساد فقط بل الدعاء ضروري أيضًا. فمن الضروري للأحمديين، وخاصة لكم أي "أنصار الله" أو للأحمديين المكلَّفين بتربية العالم وتربية أجيالهم أن يبتعدوا عن طرق التمرد كلها".
وخلال خطابه، أكد الخليفة أن أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة هو الصلاة، ولذلك فإن التوفيق يكمن في المحافظة على الصلوات الخمس بإخلاص وخشوع أمام الله. كما حثّ حضرته المسلمين الأحمديين على الاهتمام بصلاة التهجد، واصفًا إياها بأنها سبيلٌ للتقرب إلى الله، واجتناب المعاصي، والوقاية من الأمراض. كما شدّد على أهمية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لما فيها من بركاتٍ جمة، وهي تضمن رفع الدعاء إلى الله تعالى.
قال حضرته:
"من الضروري في ظل الظروف العالمية الحالية، أن نتوجه إلى الله تعالى ونركز بشكل خاص على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"من الضروري للأحمدي أن يداوم على الاستغفار أيضًا. لقد وجهتكم إلى هذا الأمر أيضا قبل عدة أشهر، بأن علينا أن نركز بشكل خاص على هذا الجانب. يجب الالتزام بالاستغفار مع الصلاة على النبي ﷺ، وينبغي للأنصار أن يكونوا قدوة في هذا الأمر، بل يجب أن يطلقوا حملة بهذا الشأن حتى لا يقتصر هذا الأمر على الأنصار فقط، بل يتسع الاهتمام الزائد بالصلاة على النبي ﷺ والاستغفار ليشمل أفراد البيوت كلهم. لقد قال النبي ﷺ: مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ".
وفي نهاية خطابه، قال حضرة الخليفة إن أداء حقوق الآخرين يعني أيضًا حمايتهم من الشدائد، والدعاء لفك أسر المظلومين، وخاصة المسلمين الذين يعانون في جميع أنحاء العالم، ليتمكنوا من التعرف على إمام العصر. وذكّر حضرته الحاضرين بأن المسيح الموعود (عليه السلام) حذّر من الرد على الإساءة بالإساءة، وخاصةً عند الدعوة إلى رسالة الإسلام السلمية، مشيرًا إلى أن هذا يتعارض مع روح الجماعة الإسلامية الأحمدية ويغضب الله تعالى. وشدد حضرته على وجوب الرد على الغضب بالتواضع والتقوى.
وفي ختام خطابه، أكد حضرته على ضرورة فهم المسلمين الأحمديين لشروط البيعة والعمل بها.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"ينبغي دراسة شروط البيعة والتأمل فيها بين الحين والآخر، وخاصةً مجلس الأنصار، لتسهل عليهم تربية أجيالهم".
ثم دعا حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"أسأل الله تعالى أن يوفّق كل ناصر ليكون ناصرًا حقيقيًا، وأن يكون شعاركم "نحن أنصار الله" شعارًا صادقًا يعبر عن أناس يحققون مهمة المسيح الموعود عليه السلام. وليصبح كل عضو من أعضاء مجلس أنصار الله وجودًا نافعًا للجماعة، وحارسًا لأجياله، لكي تظل الجماعة سائرةً في طرق التقدم. نسأل الله تعالى أن يمنّ علينا جميعأ بالتوفيق لهذا".
ثم أمّ حضرته الحاضرين في الدعاء الصامت.