إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية يلقي الخطاب الرئيس في مؤتمر منظمة الإنسانية أولاً الدولي لعام 2025، بمناسبة مرور 30 عامًا على تأسيسها
"بخلاف المنظمات الدنيوية، لا تخدم "الإنسانية أولاً" البشرية لكسب الشهرة أو التقدير، بل ينبع كل عمل خيري تقوم به من إخلاص صافٍ لله تعالى، مستلهمًا من أوامره تعالى حول معالجة جراح خلقه." - حضرة ميرزا مسرور أحمد
في 30/11/2025، ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، حضرة ميرزا مسرور أحمد، الخليفة الخامس، الخطاب الرئيس في المؤتمر الدولي لمنظمة "الإنسانية أولاً"، الذي عُقد بمناسبة مرور ثلاثين عامًا من الخدمة الإنسانية التي تقدمها هذه المنظمة.
و"الإنسانية أولاً" منظمة خيرية عالمية أسستها الجماعة الإسلامية الأحمدية.
ترأس حضرة الخليفة الجلسة الختامية لمؤتمر منظمة "الإنسانية أولاً" الدولي لعام 2025 في إسلام أباد، تيلفورد، المملكة المتحدة. وانعقد مؤتمر هذا العام في الفترة من 28 إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني في مسجد بيت الفتوح في موردن، بحضور ما يقارب 500 مندوب من أكثر من 50 دولة. وكان موضوعه "السلام والرحمة والإنسانية".
بدأ الخليفة كلمته بتوجيه انتباه الحاضرين إلى الهدف الحقيقي لهذه المناسبة، مؤكدًا على الروح التي انعقد بها هذا التجمع.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"بفضل الله تعالى، اجتمعتم اليوم ليس فقط للاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس منظمة الإنسانية أولاً، بل الأهم من ذلك، للتعبير عن امتنانكم العميق لله تعالى وتجديد عهدكم بخدمة الإنسانية".
وتحدث حضرة الخليفة عن نشأة منظمة الإنسانية أولاً، مشيرًا إلى أنها تأسست على يد الخليفة الرابع للجماعة الإسلامية الأحمدية، حضرة ميرزا طاهر أحمد (رحمه الله)، لتوسيع نطاق العمل الإنساني للجماعة ودعم المحتاجين حتى في المواقف التي لا تستطيع فيها الجماعة الإسلامية الأحمدية التدخل بشكل مباشر.
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"يجب ألا يغيبن عن بالكم الأهداف النبيلة التي تأسست من أجلها منظمة الإنسانية أولاً. ولا شك أن إلهام أتباعه لخدمة الإنسانية بحق، كان من الأهداف الأساسية لبعثة المسيح الموعود (عليه السلام). وقد أكد مرارًا وتكرارًا على ضرورة مساعدة المحتاجين".
وفي معرض حديثه عن مبادئ الخدمة الإنسانية، أكد حضرة الخليفة أن واجب المؤمن الحق، كما أوضح المسيح الموعود عليه السلام، يتجاوز حدود مجتمعه. مستشهدًا بالأمر القرآني: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (سورة الإنسان: الآية 9)، وأشار إلى أن الإسلام يشجع على خدمة جميع المحتاجين، بغض النظر عن دينهم أو خلفياتهم. وأكد حضرة الخليفة أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد جسد هذه التعاليم طوال حياته.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن خدمة الإنسانية، إذًا، من تعاليم القرآن الكريم الأساسية. وقد جسد النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) هذا التعاليم طوال حياته. فقد كان قلبه نابضًا دائمًا بالرغبة في مساعدة الفقراء والمحتاجين، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودًا أو كفارًا أو من أتباع أي دين آخر."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"في هذا العصر، ولإحياء مبدأ خدمة البشرية بإيثار، بعث الله تعالى المسيح الموعود (عليه السلام). ولتحقيق هذا الهدف تأسست منظمة "الإنسانية أولاً". وبناءً على ذلك، وبعد ارتباطهم بالمسيح الموعود (عليه السلام)، يجب على كل مسلم أحمدي أن يعتبر تجسيد هذه التعاليم النبيلة واجبًا مقدسًا، وأن يسعى جاهدًا لتخفيف معاناة البشر".
واستشهد حضرة الخليفة بقول المسيح الموعود (عليه السلام) عن خدمة البشرية، حيث قال: "محبة الناس ومواساتهم عبادة عظيمة، ووسيلة رائعة لنيل رضا الله تعالى"
وأكد حضرة الخليفة وذكّر الحاضرين بأن "الإنسانية أولاً" لا تنطلق من الاعتراف الدنيوي، بل من الإخلاص لله تعالى والعمل بتعاليم الإسلام.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لا تعتبروا "الإنسانية أولاً" مجرد مؤسسة خيرية أو جهة إغاثة. بل إن رسالتها تستند مباشرةً إلى أوامر الله، وسنة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وتعاليم المسيح الموعود (عليه السلام). وعلى عكس المنظمات الدنيوية، لا تخدم "الإنسانية أولاً" البشرية لكسب الشهرة أو التقدير، بل إن كل عمل خيري تقوم به ينبع من إخلاص صافٍ لله تعالى، ويستلهم من أوامره تعالى بمداواة جراح خلقه".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"علاوة على ذلك، تذكروا دائمًا أنه ما لم تبقَ منظمة "الإنسانية أولاً" مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالجماعة الإسلامية الأحمدية، فلن يميزها شيء عن غيرها من الجمعيات الخيرية أو وكالات الإغاثة. قبل بضع سنوات، ارتأى بعض المسؤولين التنفيذيين في "الإنسانية أولاً" أنها "مستقلة" تمامًا عن الجماعة الإسلامية الأحمدية. والحقيقة هي، وستظل هكذا دائمًا، أن ارتباط "الإنسانية أولاً" المباشر بالجماعة الإسلامية الأحمدية مصدر بركات إلهية ومصدر فخر واعتزاز لها. وعليه، فلا تقطعوا أبدًا صلتكم بجماعة المسيح الموعود (عليه السلام)، فهدفنا واحد: خدمة البشرية دون تمييز على أساس الطبقة أو المذهب أو اللون."
بعد ذلك، تحدث حضرة الخليفة عن التقدم الذي أحرزته منظمة الإنسانية أولاً، مشيرًا إلى أن كل تقدم أحرزته المنظمة خلال الثلاثين عامًا الماضية كان بفضل الله وبفضل ارتباط المنظمة بالمسيح الموعود عليه السلام والخلافة.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لا شك أنكم ما دمتم تحافظون على هذا الارتباط وتُقدّرون ارتباطكم بالجماعة الإسلامية الأحمدية، وتواصلون السعي بموجب هدي الخلافة وتوجيهاتها، فإن عملكم وجهودكم ستُكلل بالنجاح إن شاء الله. أما فيما يتعلق بهذا الإنجاز، فبفضل الله، لا شك أن منظمة "الإنسانية أولاً" قد حققت تقدمًا هائلًا على مدار الثلاثين عامًا الماضية، انطلاقًا من بدايات متواضعة جدًا. في البداية، لم تتجاوز الميزانية الإجمالية لمنظمة "الإنسانية أولاً" بضعة آلاف من الجنيهات الإسترلينية، ولذلك كانت مشاريعها الأولية محدودة النطاق جدًا. واليوم، وبعد ثلاثة عقود، ارتقت منظمة "الإنسانية أولاً" إلى مستوى أصبحت فيه ميزانيتها السنوية بالملايين."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"في الواقع، وصلت ميزانية فروع منظمة "الإنسانية أولاً" في بعض الدول ملايين الجنيهات الإسترلينية أو الدولارات. وهذا بفضل الله ورحمته. في الوقت نفسه، لا تزال ميزانية وموارد "الإنسانية أولاً" أقل بكثير من ميزانية وموارد العديد من المنظمات الإنسانية الأخرى. ومع ذلك، تشهدون جميعًا كيف أن الله تعالى بارك في عمل وجهود "الإنسانية أولاً" أضعافًا مضاعفة. وذلك لأن الهدف الوحيد للعاملين فيها هو نيل قربة الله وثوابه، وأن يكونوا وارثين لأدعية النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) والمسيح الموعود (عليه السلام.)"
وأشار الخليفة إلى أن المؤسسات الخيرية الأكبر حجمًا غالبًا ما تسعى إلى فهم كيفية تحقيق منظمة الإنسانية أولاً لأهدافها الطموحة أو الوصول إلى المناطق التي تظل بعيدة عن متناول الآخرين، على الرغم من مواردها الضخمة.
وذكّر حضرة ميرزا مسرور أحمد الحاضرين قائلاً:
"تذكروا دائمًا أن كل نجاح لكم ينبع مباشرةً من فضل الله تعالى اللامحدود، ولأنكم مدعومون بدعاء خليفة الوقت وملايين الأحمديين حول العالم. ما دامت منظمة "الإنسانية أولاً" تسعى إلى اتباع هدي الخلافة وتعمل برغبة صادقة في خدمة الآخرين، خالصةً لوجه الله، فستستمر في الازدهار والتقدم".
وأوضح الخليفة أن منظمة "الإنسانية أولاً" تخدم الآن في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والعمل الإنساني الأوسع، حيث تعمل فرق الإغاثة من الكوارث بشجاعة في بيئات صعبة. وأشار إلى تأثير المشاريع طويلة الأجل، مثل المستشفيات والمدارس ودور الأيتام ومبادرات المياه النظيفة، التي تدعمها جميع الدول، مع مساهمات قوية بشكل خاص من المملكة المتحدة وألمانيا وكندا والولايات المتحدة.
وأكد أن جوهر هذا العمل لا يكمن في المباني بل في البشر، وقال إن على الأطباء والممرضين والموظفين والمتطوعين أن يقرنوا الكفاءة المهنية بالتعاطف الحقيقي، لأن "الرعاية والمواساة والتفاني الذي يتلقاه المرضى في مستشفياتنا وعياداتنا لا مثيل له"
ووجّه الخليفة بمعالجة أي قصور دون تأخير، وذكّر الحاضرين بأنه في حين أن مشاريع المستشفيات واسعة النطاق تكلف الملايين، فإن منظمة "الإنسانية أولاً" لا تملك الموارد اللازمة لبنائها في كل مكان.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"في المستقبل، عليكم تخصيص مواردكم بشكل استراتيجي لتحقيق أقصى قدر من التأثير. ركزوا على بناء مستشفيات أو حتى عيادات أصغر حجمًا بسعة 8 إلى 10 أسرّة. يمكن بناء هذه المرافق بتكلفة زهيدة مقارنةً بالمستشفيات الكبيرة. ستضمن هذه الاستراتيجية وصولًا أوسع إلى المجتمعات المحلية. وسيتمكن المرضى من الحصول على الرعاية الصحية الأولية الأساسية محليًا، وقد يُحالون إلى مرافق أكبر لتلقي علاجات متقدمة عند الحاجة... لا تظنوا أن بناء مستشفيين كبيرين جدًا سيُمثل تراجعًا إذا ما بنيتم الآن مستشفيات أو عيادات أصغر... في العالم النامي، غالبًا ما تُفقد الأرواح بسبب افتقار المرضى إلى هذه الخدمات الأساسية أو الرعاية الصحية الأولية. لذا، أؤكد أن على منظمة "الإنسانية أولًا" أن تسعى إلى تطوير مثل هذه العيادات أو المستشفيات الأصغر حجمًا في مختلف البلدان."
وفي معرض وصفه لجهود منظمة "الإنسانية أولاً" المتنامية، أوضح الخليفة كيف تُطوّر المنظمة مجموعةً من المشاريع التي تُحقق فوائدَ ملموسةً وطويلة الأمد للمجتمعات المُستضعفة. وأشار إلى إنشاء مرافق رعاية الأيتام في أفريقيا، وعيادات "هبة البصر" المُستمرة التي استعاد من خلالها الآلاف بصرهم. كما ذكّر الخليفة الحاضرين بأنه إلى جانب هذه المبادرات الدائمة، يجب على منظمة "الإنسانية أولاً" أن تكون دائمًا على أهبة الاستعداد "للتعبئة الفورية لتلبية الاحتياجات المُلحّة وغير المُتوقعة في كثير من الأحيان".
وبينما واصل الخليفة خطابه، انتقل إلى التحديات الأخيرة التي تواجهها المناطق التي تعاني من صعوبات بالغة. وتحدث بإيجاز عن الخدمة الاستثنائية التي تقدمها منظمة "الإنسانية أولاً" في ظل المعاناة الهائلة في غزة، مشيدًا بصمود وإخلاص متطوعيها في سعيهم لمساعدة المحتاجين. ثم أدلى بالملاحظات التالية:
"بفضل الله ورحمته، وعلى مدار العامين الماضيين، واستجابةً للوضع المدمر والمروع في غزة، قدمت منظمة "الإنسانية أولًا" فرع بريطانيا خدماتٍ متميزةً ومخلصةً، وواجهت بعزمٍ بعضًا من أفظع وأخطر الظروف الممكنة. في الواقع، يستحق فريق "الإنسانية أولًا" المحلي على أرض غزة شكرنا ودعواتنا. فبشجاعةٍ وكرامةٍ لا مثيل لهما، ودون أي مراعاةٍ لراحتهم أو سلامتهم، خدموا أهل غزة بإيثار. لم يكن دافعهم سوى الرغبة العميقة في إظهار الرحمة والشفقة التي تنبع من جوهر التعاليم الإسلامية. فجزاهم الله خيرًا وحفظهم جميعًا. آمين."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"وخلال فترة الصراع، رأيتُ بنفسي كيف تدهورت صحة بعض أعضاء فريق "الإنسانية أولاً" في غزة. إنهم يضحّون بسلامتهم وصحتهم من أجل الآخرين. ومع ذلك، لم يتوانوا أو يتخلّوا عن مسؤولياتهم ولو لمرة واحدة. ونتيجةً لذلك، وفّروا الغذاء والماء والإمدادات والمأوى لآلاف المحتاجين. كل قرش أنفقته "الإنسانية أولاً" في غزة وصل إلى الناس على الأرض، مانحًا إياهم الراحة والإغاثة التي هم في أمسّ الحاجة إليها. في الواقع، أشادت وكالات إغاثة وجمعيات خيرية معروفة أخرى بجهود "الإنسانية أولاً"، وأنا على ثقة بأن وكالات الأمم المتحدة المعنية ستشهد على ذلك أيضًا، إذا كانت منصفة ونزيهة."
بعد ذلك، أشاد حضرة الخليفة بتفاني وشغف فرق السيدات في الإنسانية أولًا.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"فيما يتعلق بمنظمة "الإنسانية أولًا" في المملكة المتحدة، يعمل فريق السيدات بتفانٍ وشغف كبيرين. وبفضل الله، حققن عملاً ممتازًا في السنوات الأخيرة. وأنا على ثقة بأن النساء العاملات في "الإنسانية أولًا" في الدول الأخرى يعملن أيضًا بتفانٍ كبير. بارك الله فيهن جميعًا ووفقهن لمزيد من العطاء والخدمة في المستقبل".
وفي ختام كلمته، تأمل حضرة الخليفة في النمو الملحوظ الذي شهدته منظمة "الإنسانية أولاً" على مدار الثلاثين عامًا الماضية، مشددًا أنه على الرغم من اتساع مواردها ونطاق عملها، فإن المعيار الحقيقي للخدمة يكمن في التفاني الدؤوب والتواضع وطلب عون الله. ثم حثّ أعضاء المنظمة على التطلع إلى المستقبل، والتخطيط الطموح، وتعزيز أثر المنظمة الإنساني بشكل أكبر.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لا شك أن نطاق عمل منظمة "الإنسانية أولاً" حول العالم في ازدياد مستمر بفضل الله. وكما ذكرتُ، فإن الميزانية التي كانت بالآلاف قد وصلت الآن إلى الملايين، وستصل يومًا ما، إن شاء الله، إلى المليارات. ولكن، وبغض النظر عن الوضع المالي، من الضروري أن يُظهر جميع أعضاء "الإنسانية أولاً" شغفًا والتزامًا راسخين بخدمة الآخرين. إن خدمة الإنسانية ليست هدفًا عابرًا يزول كالريح، بل هي تحدٍّ يستمر مدى الحياة، ويتطلب مثابرة وثباتًا لا يتزعزع. لذا، لا ينبغي أن تعملوا لبضعة أيام ثم تتعبوا أو تنتقلوا إلى شيء آخر."
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"علاوة على ذلك، عليكم في كل منعطف أن تستعينوا بالله. ينبغي أن تُؤدوا جميع أعمالكم بتواضع ودعاء. لا تطمحوا إلى هتافات الدنيا أو مدحها، وليكن دافعكم الوحيد هو نيل محبة الله تعالى وقربه وثوابه، والرغبة في تنفيذ أوامر النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتعاليم المسيح الموعود (عليه السلام).
وهكذا، وقد بلغتم الآن ثلاثين عامًا من الخدمة، فلا تكتفوا بما حققتموه أو تشعروا بالرضا. بل تطلعوا دائمًا إلى الأمام. الآن هو الوقت المناسب للتخطيط للعقود الثلاثة القادمة. الآن هو الوقت المناسب لوضع رؤية واضحة للمستقبل ووضع أهداف طموحة. الآن هو الوقت المناسب للارتقاء بمنظمة "الإنسانية أولًا" إلى مستوى أعلى. ينبغي أن يكون هدفكم ألا تتزايد الخدمات الإنسانية التي تقدمها "الإنسانية أولًا" تدريجيًا فحسب، بل أن تتزايد بشكل كبير في السنوات القادمة. عندها فقط ستكون لهذه المناسبة وهذه الذكرى قيمة حقيقية."
وتأمل حضرة الخليفة في تزايد عدم الاستقرار العالمي واقترح أن تستعد منظمة الإنسانية أولاً لتلبية احتياجات المتضررين من الأزمات المستقبلية، بما في ذلك الصراعات المحتملة واسعة النطاق.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لا مبالغة في القول إن الوضع الاقتصادي والسياسي العالمي يزداد غموضًا. وتندلع الصراعات في جميع أنحاء العالم. لقد قلتُ مرارًا وتكرارًا إنني أخشى أننا نقترب أكثر فأكثر من حرب عالمية كارثية. وإذا اندلعت مثل هذه الحرب، فستكون الموارد شحيحة، وستكون الأموال أو المقتنيات الثمينة قليلة القيمة.
لذا، ينبغي على منظمة "الإنسانية أولاً" إعداد خطة شاملة لكيفية عملها وتقديم المساعدة لمن هم في مناطق الحرب والمناطق المتضررة. مع أن فرق الإغاثة من الكوارث لديكم تتمتع ببعض الخبرة في الاستجابة للزلازل وأمواج تسونامي والفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية، إلا أن تداعيات الحرب العالمية ستكون على نطاق مختلف تمامًا. ستمثل تحديًا غير مسبوق وخطيرًا ومعقدًا لم تواجهوه من قبل. بل من الممكن أن يفقد عمال "الإنسانية أولاً" حياتهم أو يتعرضوا لإصابات بالغة أثناء تأدية واجباتهم."
"لذا، عليكم التخطيط بدقة وتدريب فرقكم تدريبًا دقيقًا ليكونوا على أهبة الاستعداد قدر الإمكان. عليكم تحديد المجالات التي يمكنكم المساعدة فيها تحديدًا، إذ لن تتمكن منظمة "الإنسانية أولاً" من تغطية جميع الاحتياجات. ينبغي أن تبقى أولويتكم إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة... تذكروا، في أوقات الأزمات الكبيرة، يسعى الأنانيون إلى حماية أنفسهم ومصالحهم، ولكن بصفتكم أعضاءً في "الإنسانية أولاً"، عليكم دائمًا أن تضعوا مصالحكم واحتياجاتكم جانبًا من أجل الآخرين."
وفي ختام كلمته، استذكر حضرة الخليفة ثلاثة عقود من الخدمة، ودعا بصدق:
"أدعو الله أن ترقى منظمة "الإنسانية أولاً" دائمًا إلى مستوى التطلعات النبيلة التي تأسست عليها، وأن تشرق كمنارة أمل ورحمة للأجيال القادمة. آمين."




