إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية يلقي الخطاب الختامي للاجتماع الوطني لمجلس خدام الأحمدية في المملكة المتحدة
"إن الإصلاح الداخلي والشخصي لكل شاب أحمدي هو الذي يضع الأساس، لبنة لبنة، لثورة روحية وأخلاقية وفكرية مجيدة في العالم." - حضرة ميرزا مسرور أحمد
في يوم 21/09/2025، ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد، خطابًا ملهمًا للإيمان في ختام الاجتماع الوطني لمجلس خدام الأحمدية في المملكة المتحدة.
حضر الحدث الذي استمر ثلاثة أيام، والذي أقيم في هوك لاين في بوتنهام، ما يقرب من 8000 شاب من مجلس خدام الأحمدية، وساهم الاجتماع في إلهام الحاضرين لممارسة دينهم وخدمة الإنسانية بإخلاص.
في مستهل كلمته، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن الهدف الأساس من جميع الاجتماعات التي تعقدها المنظمات المساعدة للجماعة الإسلامية الأحمدية هو غرس حب الله والارتقاء بالمستويات الفكرية والأخلاقية والروحية لأعضائها".
بعد ذلك، أكد الخليفة على ضرورة أن يضع أعضاء مجلس خدام وأطفال الأحمدية هذه الأهداف نصب أعينهم دائمًا. وأشار إلى أن التعليم الذي يتلقاه الأطفال في المملكة المتحدة يُسهم في توسيع مداركهم منذ الصغر، وأنه حتى الأطفال الصغار يتمتعون بفطنة فائقة ويستطيعون طرح أسئلة ثاقبة، مما يُظهر فهمهم العميق للمفاهيم الدينية.
كما سلط الخليفة الضوء على كيفية تحقيق الخدام والأطفال لأهدافهم الدينية على أكمل وجه، مشيرًا إلى أن الهدف الأساس من العضوية في المجلس هو تعزيز التطور الديني والفكري والروحي للفرد. كما شدد على أن الرياضة والألعاب في الاجتماعات يجب أن تدعم النمو بدلًا من التركيز على الربح والخسارة.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لا ينبغي أن تكون أولويتكم الرئيسة هي اللعبة نفسها أو من يفوز أو يخسر. بل الهدف الأساس من الألعاب الرياضية أو الفعاليات التي تنظمها المنظمات المساعدة هو مساعدة الأعضاء على تنمية القوة واللياقة البدنية، لأن ذلك سيساعدهم على أداء حقوق الله، ويساهم في نموهم الديني والتعليمي".
وأشار حضرته إلى أن الكثير من الشباب في عالمنا اليوم يقضون وقتًا طويلاً في مشاهدة التلفاز أو على ألعاب الفيديو. وأوضح قائلًا:
"لذا، فإن الرياضة والألعاب في اجتماعاتنا مصممة لتشجيعكم على قضاء الوقت في الهواء الطلق، واستنشاق الهواء النقي، وتحسين لياقتكم البدنية... لا ينبغي أن يكون الهدف من اللياقة البدنية الغرور أو الرغبة في فرض السيطرة الجسدية على الآخرين"
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"الشخص السليم والمعافى يتمتع بقدرة أكبر على تحقيق أهداف حياته. وكأحمديين، هدفنا الأساس هو أداء حقوق الله تعالى. علاوة على ذلك، تُوفر الرياضة والألعاب الخارجية وسيلة إيجابية للاسترخاء وتجديد الذهن، مما يُساعد الأفراد على الدراسة والتعلم بفعالية أكبر من خلال تعزيز التركيز والقدرات العقلية. لذا، فإن تخصيص وقت لممارسة الألعاب والرياضة يُساعد الشباب في سعيهم نحو التعليم الدنيوي والمعرفة الدينية."
تابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"كما ذكرتُ، ليس الهدف الحقيقي من فعالياتنا أو مسابقاتنا الرياضية الفوز أو الخسارة في المباراة أو البطولة. يجب ألا نتصرف كأولئك الذين يعتبرون الرياضة مسألة حياة أو موت، فيدخلون في جدالات حادة أو شجارات أو يلجأون إلى اللعب غير النزيه لتحقيق المكاسب. يجب ألا ننحدر إلى هذه المستويات أبدًا."
وفي كلمته، حذر الخليفة من أنه عندما تخاطر المنافسة أو الأنشطة بفقدان غرضها الحقيقي وتثير مشاعر سيئة، فيجب إعادة توجيهها نحو أهدافها الأعلى.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"عندما يُؤدي أمرٌ ما إلى الحنق أو الضغينة، فالأفضل التوقف عنه تجنّبًا لمزيد من الخلافات. وأرجو أن يُصلح من انحرفوا عن أهدافهم الحقيقية أنفسهم ويُحسّنوا سلوكهم. كأحمديين، يجب عليكم، عند ممارسة أي رياضة أو لعبة، التحلّي بروح رياضية حقيقية. في الواقع، ينبغي أن يُميّز شبابنا الأحمدي عن غيرهم مستوىً استثنائيًا من الأخلاق والتسامح واحترام الآخرين".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"وإلا، فما فائدة أن نكون أحمديين إن لم نُظهر أخلاقًا رفيعة؟ لذا، أؤكد أن البرامج الرياضية تُنظّم لتعزيز الصحة البدنية والنفسية لخدامنا وأطفالنا، ليتمكنوا من أداء واجباتهم تجاه الله والإنسانية، وخدمة الجماعة على أكمل وجه".
كما تحدث الخليفة عن مخاطر الإفراط في استخدام الشاشات، والتأثير غير المقيد للمحتوى الإلكتروني، والمخاطر المتزايدة التي يشكلها الذكاء الاصطناعي - وهي قضية حذّر منها لسنوات عديدة. ومع إقراره بإمكانية نفع التكنولوجيا، حذّر الخليفة من أنها تُعرّض الشباب بشكل متزايد لمواد ضارة وعادات غير صحية.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"على النقيض من ذلك، فإن إضاعة الوقت بمشاهدة التلفاز، أو تصفح الأجهزة الإلكترونية بلا انقطاع، يمكن أن يضر بصحتكم الجسدية والنفسية. علاوة على ذلك، يعج الإنترنت بمحتوى خطير وغير أخلاقي، متاح مجانًا، يساهم في تآكل القيم الأخلاقية وتأجيج الكراهية. والآن، يضيف الذكاء الاصطناعي بُعدًا جديدًا. هذا أمرٌ حذّرتُ منه لسنوات عديدة، والآن نشهد نتائجه المروعة يوميًا تقريبًا. في الآونة الأخيرة، وردت تقارير مروعة عن انتحار مراهقين بسبب التنمر الإلكتروني أو استهلاك محتوى إلكتروني مروع يُسبب أذىً نفسيًا خطيرًا. على سبيل المثال، أفادت وسائل الإعلام مؤخرًا أن مراهقًا في الولايات المتحدة انتحر بمساعدة وتشجيع من ChatGPT."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"علاوة على ذلك، اجتاحت الإنترنت مقاطع فيديو عنيفة وأيديولوجيات متطرفة تروج للكراهية، مسببةً أضرارًا جسيمة لمن يشاهدونها وللمجتمع ككل. قبل أيام قليلة فقط، وبعد مقتل ناشط سياسي بارز في أمريكا، حثّ حاكم الولاية الشباب علنًا على "إغلاق" أجهزتهم، والخروج، وقضاء الوقت مع عائلاتهم، وخدمة مجتمعاتهم. وبفضل الله، يُحذَّر الأحمديون، في ظل الخلافة الراشدة، منذ الصغر، من المخاطر والتهديدات التي تواجه مجتمعنا المعاصر".
وفي كلمته أمام الحضور، سلّط الخليفة الضوء على التوجيه الخالد لحضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه)، الخليفة الثاني للجماعة الإسلامية الأحمدية، مؤكدًا أن التنمية الشخصية والروحية للشباب الأحمدي أساسية لدفع عجلة الإصلاح الأخلاقي والمجتمعي.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إذا عدنا إلى عهد حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه)، نلاحظ أنه أولى اهتمامًا بالغًا للتربية الأخلاقية لمختلف فئات الناس، وفقًا لاحتياجاتهم وقدراتهم وبيئتهم. وحدد بحكمة بالغة مسؤولياتهم وأهدافهم. وفي هذا السياق، أسس مجلس خدام الأحمدية، ووجّه الشباب الأحمدي بما يتناسب مع أعمارهم وإمكاناتهم... ومنح خدام الأحمدية شعارًا بالغ الأهمية والعمق: "لا تصلح الأمم إلا بإصلاح شبابها". وكان هذا الشعار، ولا يزال، تحديًا هائلًا وكبيرًا لجميع الخدام للنهوض إليه".
تابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"هذه الكلمات تشهد على أن عليكم، كخدام، إصلاح أممكم روحيًا وأخلاقيًا. عليكم قيادة العالم نحو السلام والازدهار الحقيقيين. وعليكم السعي الدؤوب لتحقيق رسالة المسيح الموعود (عليه السلام) حتى آخر نفس. ولكن قبل أن تلجأوا إلى الآخرين، عليكم أن تنظروا إلى دواخلكم. إن الإصلاح الداخلي والشخصي لكل شاب أحمدي هو الذي يضع الأساس، لبنة لبنة، لثورة روحية وأخلاقية وفكرية عظيمة في العالم. هذا هو ما يمثله حقًا الشعار الذي قدمه لكم حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه)."
ولفت الخليفة انتباه الشباب إلى أهمية اللياقة البدنية، مقدمًا إياها كأساس للانضباط الفكري، والتحكم في المشاعر، والقدرة على المساهمة الإيجابية في المجتمع.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"أثبتت دراسات وتقارير مختلفة أن الأشخاص الذين يتمتعون بلياقة بدنية عالية وانضباط فكري واجتهاد في العمل، أكثر قدرة على التحكم في مشاعرهم وإصدار أحكام سليمة. وهذا لا يعود عليهم بالنفع فحسب، بل يُمكّنهم أيضًا من المساهمة بشكل إيجابي في العالم أجمع، إذ يميلون إلى امتلاك عملية تفكير أكثر نضجًا وتبصرًا."
وسلط الخليفة الضوء على تطلعات الشباب الأحمدي، وذكرهم بإمكانياتهم وقدرتهم على أن يصبحوا نجومًا لامعة في الجماعة الإسلامية الأحمدية، وشرح سبب اختيار موضوع الاجتماع لهذا العام "القرآن الكريم: خزينة من الجواهر".
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"إن الفلسفة الأساسية التي يقوم عليها الشعار العميق الذي قدمه لكم حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه) هي أنه إذا سعى خدامنا وأطفالنا بجد إلى تطوير شخصياتهم وسلوكهم، فإن كل شاب أحمدي لديه القدرة على أن يصبح نجمًا ساطعًا [في سماء] الأحمدية".
وقال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"تذكروا دائمًا أن الوسيلة الأساسية لتحصيل المعرفة الدينية هي دراسة القرآن الكريم... فكما نحتاج إلى الطعام والشراب لتغذية أجسادنا، فقد أنعم الله علينا، من خلال رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم)، بالقرآن الكريم مصدرًا للرزق الروحي الدائم لتغذية أرواحنا. ولذلك، ولتأكيد أهمية القرآن الكريم وبركاته اللامحدودة، اخترتُ "القرآن الكريم: خزينة من الجواهر" شعارًا لاجتماع هذا العام".
وانطلاقًا من أهمية القرآن الكريم، ذكّر الخليفة الشباب بأن إكمال قراءتهم الأولى للقرآن الكريم ليس الهدف النهائي.
وأكد الخليفة أن "ختم القرآن الكريم لأول مرة ينبغي أن يكون بدايةً لعلاقةٍ دائمةٍ ومتأصلةٍ مع كلام الله"، وحثّ جميع الخدام والأطفال على تلاوته يوميًا، وفهم معانيه، والسعي الصادق للعمل بتعاليمه.
بعد ذلك، نصح الخليفة الشباب بإعطاء الأولوية لنموهم الروحي وتطورهم الأخلاقي.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"بدلاً من إضاعة الوقت بمشاهدة أفلام أو برامج غير لائقة، أو إضاعة ساعات لا تُحصى على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، اجعلوا هدفكم الأسمى هو زيادة معرفتكم بالقرآن الكريم وتعاليمه. اعتبروا القرآن وسيلةً لإصلاحكم وتقوية صلتكم بالله تعالى. سيرشدكم ويوجهكم نحو المساهمة الإيجابية في المجتمع. لذا، اقرأوا كل كلمة وتأملوا فيها. كمؤمنين، يجب أن يكون هذا هدفكم دائمًا."
وتطرق حضرة الخليفة مرة أخرى إلى التنمية الروحية للشباب، مؤكدًا على أهمية تعميق فهم القرآن الكريم والاقتداء بأسوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن سنكم هو السن الأمثل لتحصيل العلم، فأدمغتكم خصبة، وقادرة على استيعاب وحفظ المعلومات الجديدة بسهولة أكبر بكثير من سن الإنسان المتقدم في السن. إلى جانب دراسة القرآن الكريم، عليكم أيضًا دراسة سيرة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) المباركة، فحياته كلها قدوة خالدة نتعلم منها ونقتدي بها. وقد قال الله تعالى: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ"
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"يُروى أن رجلاً سأل السيدة عائشة (رضي الله عنها) عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: "ألم تقرأ القرآن الكريم؟ كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم". وتعني بذلك أن كل قول وفعل للنبي صلى الله عليه وسلم كان متوافقًا تمامًا مع تعاليم القرآن الكريم. لذا، فإن أسوة النبي صلى الله عليه وسلم الحسنة هي ما يجب أن نسعى دائمًا إلى اتباعه. عندها فقط يمكننا أن نعيش كمسلمين أحمديين حقيقيين. وعندها فقط يمكننا الوفاء بعهدنا بإيثار الدين على شؤون الدنيا. وعندها فقط يمكننا أن نساعد في نشر رسالة المسيح الموعود عليه السلام".
وخلال كلمته، أكد الخليفة أن الفائدة الحقيقية للمشاركة في الاجتماع تكمن في التطبيق الصادق لتعاليمه في الحياة اليومية. فلا يكفي السعي إلى إقامة الصلة بالله تعالى في أيام معدودة، بل يجب إعطاء الأولوية لتنمية هذه الصلة يوميًا، وتخصيص وقت محدد لتلاوة القرآن الكريم وتدبره، والسعي للعمل بهديه.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن سعيتم بإخلاصٍ إلى هذا، ستشهدون، إن شاء الله، تحوّلًا روحيًا وأخلاقيًا عظيمًا في حياتكم. وستتجه قلوبكم وعقولكم تلقائيًا إلى الله تعالى، وسيحميكم من المزالق والشراك التي تقع في كل منعطف وزاوية من زوايا المجتمع الحديث. وسينقذكم من مفاتن عالم اليوم السطحية والخادعة"..
ثم أشار حضرته إلى رواية عن السيدة عائشة رضي الله عنها في حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة والعبادة، مؤكدًا أنه وإن لم نكن قادرين على الوصول لمستواه، فإن علينا أن نسعى إلى ذكر الله والقيام بحقوق عبادته في كل وقت.
كما تأمّل الخليفة في الآية القرآنية: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (سورة الأنعام: 163)، مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عاش بهذه الآية حقًا، وأخلص في كل عمل لله عز وجل. وحثّ الخليفة الشباب على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إذا حالفكم الحظ بالتفوق في دراستكم أو حققتم مكانة مرموقة في مهنتكم، فلا تنسبوا نجاحكم إلى مناقبكم أو صفاتكم الشخصية. بل اعتبروا دائمًا أن كل نجاح ونعمة هي بفضل الله ورحمته. لا شك أن من يتأمل في عيوبه بصدق، سرعان ما يدرك نعم الله ورحمته الواسعة، فيسجد بين يديه بخشوع وامتنان متزايدين. ستكون عبادته خالصة لوجهه الكريم، وهو أولويته في جميع الأوقات. وإلا، فإن جعلت من مهنتك أو عملك أو دنياك وثنًا لك، وسمحت لها بأن تضلك عن أداء حقوق الله، فسيكون الأمر في غاية الخطورة."
وفي معرض تأمله في المبادئ الجوهرية للإيمان والأخلاق، ذكّر الخليفة الشباب بضرورة إعطاء كل أحمدي الأولوية للصلاة والعبادة اليومية، اقتداءً بالنبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، ومؤمنًا بأن الله هو الرزاق والحافظ الوحيد. كما أكد على فضيلة الصدق الأساسية، مشيرًا إلى أن صدق النبي (صلى الله عليه وسلم) النقيّ معيارٌ خالد، وإن رفضه البعض.
وأكد الخليفة على أهمية الصدق، مستشهدًا بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الذنوب الكبيرة، مؤكدًا أن الكذب مكروه جدًا عند الله.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"على كل أحمدي، شابًا كان أم كبيرًا، أن يحرص على الالتزام بأعلى معايير الصدق والنزاهة في معاملاته التجارية والمالية وغيرها... فالصدق المطلق ينبغي أن يكون سمة مميزة لكل أحمدي. عندها فقط، ستتمكن جماعتنا، التي ترتكز على ركيزة من عدد لا يحصى من النفوس الصادقة، من توعية العالم وإرشاده إلى السجود لله وعبادته تعالى".
وفي إطار التركيز على السلوك في العصر الرقمي، حذر الخليفة من إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومخاطر نشر الأكاذيب أو الانخراط في سلوكيات ضارة عبر الإنترنت.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"من الممارسات اللاأخلاقية الأخرى التي انتشرت بين بعض أبناء شعبنا نشر الشائعات، وتضخيم الحقائق، وخيانة الأسرار، والتلذذ بمعاناة الآخرين، كل ذلك من أجل التسلية الرخيصة أو إثارة الخلافات. في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح نشر المعلومات المضللة والشائعات أسهل من أي وقت مضى. غالبًا ما يبرر الناس هذا السلوك بوصفه "مزحة"، لكن مثل هذه الأفعال الانتقامية قد تُشعل الضغائن والحقد والكراهية، بل قد تؤدي إلى القتال وانهيار النظام الاجتماعي. لذا، عليكم عدم الانخراط في مثل هذه الأمور أبدًا."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"إذا كنتم ستستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، فاستخدموها لنشر الإيجابية والحقيقة. استخدموها لنقل أوامر الله تعالى، وتعاليم النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، والدروس الأخلاقية والروحية للمسيح الموعود (عليه السلام). لا تستخدموها كوسيلة للتسلية المبتذلة أو لنشر أمور باطلة ومنافية للأخلاق. لا تستخدموها لإزعاج الآخرين أو تأجيج الكراهية والانقسام. استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي للخير والصلاح فقط."
وحثّ الخليفة الحاضرين في هذا الاجتماع السنوي على أن يتساءلوا كيف أحدث النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) ثورةً روحيةً في قلوب أصحابه، قبل أن يتطرق إلى أمثلة من هديه.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إذا أردنا تغيير العالم نحو الأفضل، فعلينا أولاً أن نسأل أنفسنا كيف أشعل النبي صلى الله عليه وسلم ثورة روحية في قلوب أصحابه؟ هؤلاء أنفسهم، الذين كانوا غارقين في هاوية الجهل والانحلال والأمية، تحولوا إلى أنبل ناس على وجه الأرض وأعلاهم خلقًا، وارتقوا إلى سموّ روحي لا يمكن لمن تسلح بعلم الدنيا وحده أن يبلغه. كان هذا التحول نتيجة مباشرة لتفانيهم الدؤوب في التماس هداية النبي صلى الله عليه وسلم عند كل منعطف."
وقدّم الخليفة توجيهاته للشباب بشأن العلاقات الأسرية، مشيرًا إلى أن بعض الأفراد يمنعون عائلات زوجاتهم من رؤية عائلاتهم. وذكّرهم بأنه "إذا منعكم أحباؤكم من أداء أوامر الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم، فعلى الأبناء، مع مراعاة الآداب، واجب إرشاد والديهم. وليس في هذا ما هو غير لائق". وأكد أن الإسلام يأمر بمعاملة أفراد الأسرة بالمحبة والرحمة، ويكافئ من يحافظ على هذه الروابط. كما نصح الخليفة بوجوب إكرام الوالدين وطاعتهما، إلا إذا تعارضت رغباتهما مع أوامر الله وتعاليم الإسلام، وفي هذه الحالة، "على الأبناء أن يرشدوا والديهم بالمحبة والرحمة".
وفي ختام كلمته، ذكّر الخليفة الحضور بأهمية دراسة القرآن الكريم والتدبر في تعاليمه.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"مع ختام هذا الاجتماع، أودّ التأكيد على أهمية دراسة القرآن الكريم. لا شك أنكم عندما تتأملون القرآن الكريم، ستجدون فيه ثروةً من الحكمة الإلهية، ترشدكم إلى ما يجب اتباعه وما يجب تجنبه. في الوقت المتاح، لم أتطرق إلا إلى جزء يسير من تعاليمه. فقط إذا عشنا نحن، كالجماعة الإسلامية الأحمدية – شيبًا وشبابًا وأطفالًا - وفقًا لتعاليمه، يمكننا إحداث ثورة روحية وأخلاقية حقيقية في العالم. وإلا، فبدون تغيير داخلي، ستبقى ادعاءاتنا بتغيير العالم مجرد كلام فارغ."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
"من واجبنا ورسالتنا أن نطبق كافة تعاليم الإسلام على قدر استطاعتنا، وأن نسعى دائمًا إلى السير على درب الفضيلة والاستقامة. فإذا حققتم ذلك، كشباب أحمدي، ستكونون هؤلاء الشباب المخلصين الذين يوفون بعهودهم الدينية، ويقفون في طليعة إصلاح الآخرين وإحداث صحوة روحية في العالم. وإلا، فإن مجرد رفع شعار "لا صلاح للأمم إلا بإصلاح شبابها" لا معنى له ولا فائدة منه".
وفي ختام كلمته، دعا الخليفة الحاضرين إلى التركيز على إصلاح أنفسهم وإرشاد الآخرين إلى الله تعالى، واختتم بدعاء صادق لهم للتقدم الروحي.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لن يتحقق هدفنا الحقيقي إلا عندما نسعى، إلى جانب رفع هذا الشعار، بكل جوارحنا لإصلاح أنفسنا، ومن ثم إصلاح البشرية. لذا، وأنتم تغادرون اليوم، اسألوا أنفسكم: هل ستكونون من بين هؤلاء الخدام والأطفال الذين يُصلحون أنفسهم حقًا، ويقودون العالم نحو الله تعالى، ونحو السلام والحق؟ من كل قلبي، آمل وأدعو الله أن يوفقكم لذلك، وأن تصبحوا جميعًا نجومًا مضيئة [في سماء] الأحمدية. آمين".