إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية يلقي خطبة عيد الأضحى من إسلام أباد
"ينبغي أن نخضع أمام الله تعالى، ونكثف تضرعاتنا وابتهالاتنا لدرجة تجيش لها رحمة الله تعالى وتأتي لنصرة المظلومين في القريب العاجل " – حضرة ميرزا مسرور أحمد
ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد، خطبة عيد الأضحى في 17/06/2024 من المسجد المبارك في إسلام أباد، تيلفورد.
وقد تمكن ملايين المسلمين الأحمديين في جميع أنحاء العالم من الاستماع مباشرة إلى خطبة العيد والانضمام إلى الدعاء الصامت الذي أمه إمامهم من خلال قناة إم تي إيه العالمية.
خلال الخطبة، تحدث الخليفة عن الظروف الصعبة التي يواجهها المسلمون الأحمديون في باكستان حيث حرموا من حقهم الإنساني الأساس في ممارسة شعائرهم الدينية ومنعتهم السلطات من تقديم الأضاحي في عيد الأضحى.
ثم ذكّر المسلمين الأحمديين بالآية 38 من سورة الحج التي تحدث فيها الله تعالى عن الأضاحي وقال:
"لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ"
وفي بداية خطبته، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن هذه القرابين تُقدَّم لإحياء ذكرى استعدادِ سيدنا إسماعيل لتقديم نفسه للتضحية وكذلك تضحية إبراهيم بابنه بأمر من الله بطاعة كاملة وبوفاء كامل، حين استعد الأب - بناء على الرؤيا- لإطلاق السكين على عنق ابنه واستعد الابن على أن تُطلق السكين على عنقه."
وتذكارًا للاستعداد للتضحية بكل شيء في سبيل الله، "قد أمرا بالتضحية بكبش لتبقى ذكرى هذه العاطفة حية في تاريخ الأديان إلى يوم القيامة".
وفي حديثه عن كيفية استمرار هذه الممارسة حتى يومنا هذا، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"فلإحياء ذكرى تلك التضحية يذبح مئات آلاف المسلمين القرابين بمناسبة الحج. ولن تُعدّ هذه القرابين تضحيات حقيقية عند الله إلا إذا وُجدت فيها روح وفاء الأب والابن المذكورَين، وكان الهدف منها هو كسب الحسنة خالصة لوجه الله، وكذلك كانت زاخرة بعاطفة تضحية كل شيء لوجه الله تعالى سالكين دروب التقوى، وإلا فإن التضحيات الظاهرية لا تعني شيئا."
وقال حضرته إنه بينما يمنع المسلمون الأحمديون من تقديم الأضاحي في العيد، فإن العديد من المسلمين الآخرين يذبحون الحيوانات دون أن يدركوا غرضها الحقيقي وينهمكون في السعي للتفوق على الآخرين في شراء أغلى الحيوانات وهكذا "تختفي روح التضحية وراء رداء الرياء" بينما يسعون إلى تحقيق أهداف مادية بحتة.
وفي حديثه عن من يسمون بعلماء الدين من المعادين للأحمدية، قال حضرة الخليفة إنهم على استعداد لبذل أي جهد من أجل اضطهاد المسلمين الأحمديين.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"ينبغي لهؤلاء الأحمديين أن يقدموا مشاعرهم هذه أمام الله تعالى أكثر من ذي قبل، حتى ينظر الله إلينا بالرحمة والفضل. لا شك أن الله تعالى يسمع صرخات المظلومين، وسيقبل نياتكم في التضحية كما لو أنكم قد ذبحتم الأضاحي حقيقةً؛ وسيرد أضاحي هؤلاء المضحين المزعومين".
وبالإشارة إلى الآية 38 من سورة الحج، قال حضرته إن على المسلمين الأحمديين التمسك بأهداب التقوى وأن يتفوقوا فيها لأن هذا هو الغرض الحقيقي من تقديم الأضاحي.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لا بد من أن نفهم أن الشيء الحقيقي هو التقوى التي تصل إلى الله تعالى. ولا تصل إلى الله لحوم الذبائح ولا دماؤها. هذه هي الروح التي يفهمها الأحمديون اليوم... ويجب أن يتحلى كل أحمدي بهذه الروح. لا شك أنهم يصابون بصدمة قلبية عندما يُمنعون من ذبح الأضاحي، ولكنهم إذا كانوا يتحلون بالتقوى، فإن الله يقبل نياتهم ويجزيهم بحسبها"
ومذكرًا المسلمين الأحمديين بأن يحولوا آلامهم إلى أدعية، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن أعمال الأحمديين -الثابتين على الإيمان والذين يضحون بحياتهم وأموالهم ومشاعرهم بنية حسنة- ستكون مقبولة عند الله تعالى. إنها فترة تقديم التضحيات، وستمر بإذن الله.
فينبغي علينا في ظل هذه الظروف أن نخضع أمام الله تعالى، ونكثف تضرعاتنا وابتهالاتنا لدرجة تجيش لها رحمة الله تعالى وتأتي لنصرة المظلومين في القريب العاجل، ويتم البطش بالظالمين.
اسألوا الله تعالى قائلين: إننا مستعدون لتقديم جميع أنواع التضحيات، عاملين بالسنة الإبراهيمية حسب أوامرك ومتبعين اتباعا كاملا لسيدنا محمد رسول الله ﷺ. وهذه التضحية تشمل الفداء بالنفس والمال والعواطف أيضا".
وقال حضرته إن أتباع الديانات والأمم الأخرى يقدمون أيضًا ذبائح من الحيوانات، لكنهم لا يتقربون من الله نتيجة لذلك لأنهم يفتقرون إلى التقوى، وهذا هو الحال أيضًا في يومنا هذا مع من يسمون بعلماء المسلمين الذين يسيئون استخدام دين الإسلام لمصالحهم الخاصة، وبالتالي يظهرون الإسلام على أنه دين التطرف.
ومذكرًا إياهم بغضب الله، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لكن الله سيبطش بهم يوما، فهو تعالى قدر ما يمهل يكون بطشه شديدا، هؤلاء يسعون ليكونوا آلهة. لكننا، كما قلت آنفا، علينا أن نسعى في هذه الظروف لنكون أكثر إنابة إلى الله ونحاول رفع مستوى تقوانا"
ومخاطبًأ المسلمين الأحمديين الذين يواجهون الابتلاءات، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن هؤلاء المشايخ لا يستطيعون عرقلة أعمالنا بتصرفاتهم الخسيسة. يجب أن نتذكر أن لحياتنا هدفا، وعلى كل أحمدي أن يسعى لتحقيقه. إن هذه العراقيل وهذه الرياح المضادة إنما تجري لكي نطير أعلى فأعلى، ولننيب إلى الله تعالى أكثر فأكثر".
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"تذكروا دائما أن في حياة الجماعة الممتدة إلى 135 عاما دفعتْ هذه المعارضاتُ الجماعةَ إلى الأمام، وستستمر هذه الخطوات تتقدم إلى الأمام إن شاء الله.
إن تضحياتنا بحياتنا وأموالنا ووقتنا وشرفنا كانت دائما تؤتي ثمارها وستظل تؤتي ثمارها بإذن الله. فاستمروا في غرس هذه الروح في أجيالكم أيضا بأنه علينا أن لا نخاف أبدا من أي معارضة، بل يجب أن نركع لله تعالى فقط مخلصين له".
وقال الخليفة إنه فقط عندما يسعى المسلمون الأحمديون إلى نيل رضوان الله تعالى، سيكونون هم الذين يرفعون راية النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) عاليًا.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"هؤلاء المشايخ والذين يستخدون اسم النبي ﷺ بشكل خاطئ، إنما يتسببون في إبعاد العالم عنه وعن الإسلام بتصرفاتهم. وفي الواقع، نحن الذين نأتي بالعالم تحت راية محمد رسول الله ﷺ.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على تحقيق هدفنا من خلال فهم حقيقة التضحيات والتقوى."
وفي ختام خطبته، دعا حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"نسأل الله تعالى أن تتبدل آلام الأحمديين إلى السعادة قريبًا. وحيثما يمر الأحمديون في العالم بفترة الألم والتضحية، يهيئ لهم السهولة قريبًا. تذكروا شيئًا وهو أن تخضعوا أمام الله تعالى في كل حال، واستمروا في رفع مستوى عباداتكم".
وبعد اختتام الخطبة، هنأ حضرة الخليفة الجميع بالعيد، ثم أمّ الدعاء الصامت.