إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية يوضح المبادئ الإسلامية للسلام ويحث على احترام جميع الأديان
"لا يسمح الإسلام للمسلمين بنشر عقيدتهم بالإكراه من خلال القوة البغيضة والمدمرة للسيوف أو القنابل أو الأسلحة، بل يدعوهم إلى استخدام العقل والأدلة والمحبة لكسب قلوب وعقول البشر". – حضرة ميرزا مسرور أحمد.
في 02/09/2023، ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد، خطابًا أمام جمهور ضم أكثر من 880 من كبار الشخصيات والضيوف في اليوم الثاني من المؤتمر السنوي السابع والأربعين (الجلسة السنوية) للجماعة الإسلامية الأحمدية في ألمانيا.
خلال خطابه، تناول حضرة ميرزا مسرور أحمد بشكل شامل الادعاءات الرئيسية الموجهة عادة ضد الإسلام وقام بدحضها، كتلك المتعلقة بالحروب في صدر الإسلام، واندماج المهاجرين المسلمين ومكانة المرأة في الإسلام.
كما استخدم حضرته خطابه ليدين بأشد العبارات حوادث حرق القرآن الكريم الأخيرة في أوروبا.
اقتبس حضرة ميرزا مسرور أحمد الآية 100 من سورة يونس من القرآن الكريم والتي تقول:
"وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ"
وأوضح أنه لو أراد الله لأجبر جميع الناس على قبول الإسلام، "ولكنه قرر أن يتمتع البشر بحرية الإرادة"، في إشارة إلى أنه كان من المستحيل على النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) انتهاك أساس حرية المعتقد.
وأوضح حضرة ميرزا مسرور أحمد الطريقة الصحيحة لنشر الإسلام وقال:
"لا يسمح الإسلام للمسلمين بنشر عقيدتهم بالإكراه من خلال القوة البغيضة والمدمرة للسيوف أو القنابل أو الأسلحة، بل يدعوهم إلى استخدام العقل والأدلة والمحبة لكسب قلوب وعقول البشرية".
وأشار حضرته أيضًا خلال كلمته إلى الآية التاسعة من سورة المائدة من القرآن الكريم، والتي تقول:
"وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى".
وأشار حضرة ميرزا مسرور أحمد إلى هذه الآية باعتبارها الآية التي "تحدد معيار العدالة الذي يدعو إليه الإسلام".
وطرح حضرته سؤالًا حول ما إذا كان يتم دعم معايير العدالة الرائعة هذه في أماكن أخرى في العلاقات الدولية أو في الدول المتحاربة بغض النظر عن الحكومة الحاكمة.
ورد حضرة ميرزا مسرور أحمد على ذلك وقال:
"فقط في الإسلام نجد مثل هذا المبدأ الذي لا لبس فيه، ولا مثيل له للعدالة المطلقة. ومن دواعي الأسف الشديد أنه حتى الحكومات الإسلامية المعاصرة تفشل في الحكم وفقًا لهذا المعيار الإسلامي."
وتحدث حضرته عن ادعاء كاذب آخر متكرر وهو بأن الإسلام دين الحرب.
وأكد حضرة ميرزا مسرور أحمد أن الله تعالى لم يمنح المسلمين مطلقًا الحرية في القتال أو حمل السلاح. وشدد على أن القرآن الكريم لم يمنح الإذن بذلك إلا "في ظروف قصوى وفي ظل شروط وقيود صارمة مفروضة".
وأوضح حضرته كيف كان على المسلمين الأوائل أن يتحملوا فظائع لا يمكن وصفها لسنوات عديدة على أيدي غير المسلمين في مكة، لدرجة أنهم اضطروا للهجرة إلى المدينة المنورة، فطاردهم المكيون حتى في المدينة المنورة وسعوا للقضاء على الإسلام والديانات الأخرى وجميع دور العبادة.
وذكر حضرة الخليفة أنه قد مُنح الإذن للمسلمين بالانخراط في الحرب الدفاعية في هذه المرحلة بالذات - "من أجل ترسيخ المبدأ العالمي لحرية الضمير والمعتقد".
وتعليقًا على الأيديولوجيات المتطرفة المرتبطة زورًا بالإسلام، والهجمات الشنيعة التي نفذها المتطرفون في السنوات الأخيرة، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لقد استنتج المتطرفون الحاقدون أو أصحاب الأهداف السياسية استنتاجات خاطئة تمامًا من بعض آيات القرآن الكريم من أجل خدمة رغباتهم ومصالحهم الفاسدة".
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"إذا درس الإنسان السياق الصحيح لتلك الآيات بحيادية، سيرى أن الإسلام لا يسمح بأي شكل من أشكال القسوة، ولا توجد تناقضات في القرآن الكريم أو التعاليم الإسلامية".
وأكد حضرة ميرزا مسرور أحمد أيضًا على أن القرآن الكريم "يمنع المسلمين بوضوح من أعمال التمرد أو انتهاك قوانين البلاد"، وأضاف أنه "لا يمكن الشك بأن المسلم الحقيقي يشكل تهديدًا لبلاده أو شعبه".
بعد ذلك، تحدث حضرة الخليفة عن موضوع ولاء المهاجرين المسلمين لبلدانهم الجديدة وقال إن المسلمين، كمواطنين، يتعهدون بالولاء والإخلاص للأمة التي منحتهم اللجوء. وذكر حضرته كيف أن من واجب المسلمين الديني الالتزام بهذا العهد، وأن يكونوا مواطنين ملتزمين بالقانون ويخدموا بلادهم بإخلاص.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"من الأحاديث المشهورة - قول النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم): "حب الوطن من الإيمان". وبناءً على ذلك، كيف يمكن التلميح إلى أن المسلمين الحقيقيين ليسوا مواطنين مخلصين أو إلى احتمالية أن يزرعوا بذور الانقسام في المجتمع؟"
كما شرح حضرته الطريقة الحقيقية التي يجب على المسلم الاندماج بها في المجتمع.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"هل هناك شكل من الاندماج أفضل من أن يعيش المهاجرون المسلمون بقناعة صادقة بأنهم، على الرغم من أنهم قد ولدوا في مكان آخر، إلا أنهم قد أصبحوا الآن جزءًا من بلادهم الجديدة وهم على استعداد لتقديم تضحياتٍ كبيرة من أجل ازدهارها؟ ومن ثم، فمن الخطأ تمامًا الجزم بأن التعاليم الإسلامية تجعل المسلمين غير قادرين على الاندماج في الدول غير الإسلامية".
وأوضح حضرة ميرزا مسرور أحمد أن الالتزام بالالتزامات الدينية لا يعني الفشل في الاندماج في المجتمع، كما أن هذا التنوع في المجتمع لا يؤدي إلى الانقسام أو الصراع.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إذا امتنع مسلم، بسبب معتقداته الدينية، عن شرب الكحول، أو اختار عدم الذهاب إلى النوادي الليلية، أو ارتدى الملابس المحتشمة، أو رفض السلوك الذي يتعارض مع قيمه الأخلاقية، فهذا لا يعني أنه قد فشل في الاندماج. بل أرى أن الاندماج يتطلب من المهاجر أن يسعى دائمًا إلى تحسين وطنه الجديد، وأن يكون مستعدًا لجميع التضحيات من أجل ذلك، ويسعى لخدمة شعبه بإخلاص".
وذكر حضرة ميرزا مسرور أحمد أن هذا النوع من الاندماج "سيكون وسيلة لإثراء هذا المجتمع وسيتم إقامة روابط قوية من الوحدة بين مواطنيه".
"وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ".
وتعليقًا على هذه الآية، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لا ينبغي للمسلمين انتظار شخص ما ليطلب المساعدة، بل عليهم أن يحددوا، بشكل استباقي، الأشخاص في المجتمع الذين يمرون بكربة ومساعدتهم في التغلب على تحدياتهم أو مشاكلهم. وهنا حيث يقول القرآن الكريم أن بعض الكائنات الحية لا تستطيع التحدث أو التعبير عن احتياجاتها، فإنه يشمل الحيوانات وغيرها من أشكال الحياة البرية. يعتقد بعض الناس أن الإسلام لا يشجع على تربية الحيوانات الأليفة أو إظهار الحب للحيوانات، لكن هذه الآية تتطلب من المسلم أن يعتني بجد بالحيوانات التي تحت إشرافه أو رعايته. وبالمثل، تشير هذه الآية أيضًا إلى أهمية الحفاظ على الحياة البرية وحماية العالم من حولنا".
بعد ذلك، أشار حضرة الخليفة إلى مبدأ ذهبي آخر مستنبط من القرآن الكريم وهو الامتناع عن الاستهزاء أو إذلال الأمم أو الشعوب الأخرى، وأوضح أن السخرية تسبب الاستياء الذي بدوره يحطم سلام المجتمع.
وأشار حضرته إلى حوادث حرق القرآن الأخيرة في السويد حيث قام بعض الأشخاص بحرق وتشويه نسخ من القرآن الكريم وعرضوا هذا العمل الدنيء على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، والتي نشرت في أوروبا.
ورد حضرة ميرزا مسرور أحمد على هذه الأفعال الشنيعة وقال:
"إن اعتراضنا على مثل هذه الأعمال الدنيئة لا يقتصر على تلك الحوادث التي تستهدف الإسلام أو المسلمين فقط. بل نعتقد اعتقادا راسخا أن تشويه مقدسات أتباع أي دين أمرٌ مستهجن ومدان بأشد العبارات".
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"إن مثل هذه الأعمال تثير وتؤذي الأبرياء بلا داع وتثير مشاعر الغضب والاستياء القوية. إنها وسيلة لتقويض السلام والتماسك في المجتمع".
وقبل أن يختتم كلمته، تناول حضرته مسألة حقوق المرأة في الإسلام وألقى الضوء على الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة قبل 1400 عام.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"بدلاً من حرمان المرأة من حقوقها، الحقيقة هي أن الإسلام قد أرسى حقوق المرأة، وقام بذلك قبل قرون من منح المرأة حقوقًا مماثلة في تلك الدول التي تعتبر الآن "تقدمية". ففي عصر لم تكن فيه حقوق المرأة جديرة بالاعتبار، كرّس القرآن الكريم ورسول الإسلام الكريم (صلى الله عليه وسلم) إلى الأبد حقوقًا لا حصر لها للنساء والفتيات، بما في ذلك حق التعليم والطلاق والميراث."
وأشار حضرته إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي شبه فيه المرأة "بالضلع" ليبين وجوب معاملتها بلطف، وأنها أساس بقاء البشرية تمامًا كما تعمل الأضلاع على حماية أعضاء الجسم الحيوية.
علاوة على ذلك، فيما يتعلق بموضوع حقوق المرأة المنزلية، أشار حضرته إلى الآية 20 من سورة النساء من القرآن الكريم، والتي تأمر الرجال المسلمين على وجه التحديد بمعاملة زوجاتهم بمحبة ومراعاة احتياجاتهن.
وذكر حضرة ميرزا مسرور أحمد أن هذه الآية تقول: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا".
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"فيما يتعلق بالمال، فإن كل ما تكسبه المرأة هو ملك لها لتحتفظ به، ولا يستطيع زوجها أن يطالب بحصة منه. وعند الطلاق، يعلّم الإسلام أن المرأة حرة في الاحتفاظ بما أعطاه إياها زوجها أثناء زواجهما".
وفي النهاية، أكد حضرة ميرزا مسرور أحمد أن الادعاءات الموجهة ضد الإسلام كلها لا أساس لها من الصحة وقال:
"من الخطأ تمامًا إظهار الإسلام على أنه دين العنف والتطرف، أو الادعاء بأن القيم الأخلاقية للإسلام منقوصة بأي شكل من الأشكال... بل على العكس من ذلك، إنه دين يسعى إلى بناء الجسور بين الناس من جميع الأديان والمعتقدات ".