اختتام الجلسة السنوية للجماعة الإسلامية الأحمدية في ألمانيا بخطابٍ ملهمٍ للإيمان

 

اختتام الجلسة السنوية للجماعة الإسلامية الأحمدية في ألمانيا بخطابٍ ملهمٍ للإيمان

في 90/10/2021، اختتم إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد، الجلسة السنوية الخامسة والأربعين للجماعة الإسلامية الأحمدية بألمانيا بخطاب ملهم.

ترأس حضرته الجلسة الختامية افتراضيًا من قاعة مسرور في إسلام أباد، تيلفورد، بينما حضر أكثر من 8000 شخص الجلسة السنوية التي دامت يومين، في ماي ماركت في مانهايم، في ألمانيا، حيث تم تقييد عدد الحضور وعقْد الجلسة على نطاق أصغر بكثير مقارنة بالسنوات السابقة بسبب وباء كورونا. ومع ذلك، تمكن من لم يستطع الحضور، سواء كان في ألمانيا أو في أي مكان آخر، من الاستماع مباشرة إلى الخطاب الختامي الملهم للإيمان الذي ألقاه حضرة الخليفة.

خلال الخطاب، تحدث حضرته بتفصيل كبير عن الأهمية الكبيرة للتمسك بأهداب "التقوى" وأوضح التعاليم الإسلامية التي تعتبر شرطًا لازمًا لتبني التقوى.

بدأ الخليفة خطابه بالإشارة إلى أنه لا ينبغي نسيان الهدف من الجلسة، حيث يجتمع المسلمون الأحمديون معًا لغرض الإصلاح الروحاني.

قال حضرة ميرزا مسرور أحمد، مشيرًا إلى أن الغرض الحقيقي من الجلسة هو رفع مستوى الروحانية:

"الهدف من عقد الجلسات والاجتماع في مكان واحد هو التقدم في الروحانية والسعي لهذا الغرض، ولإصلاح أنفسنا وخلق التغيرات الحسنة فينا، والتقدم في التقوى بالعيش في أجواء روحانية، وإن لم يتحقق هذا الهدف من الجلسة فلا معنى لها. من المعلوم أن الإنسان بحاجة إلى التذكير، فبعقد الجلسات كل عام وبالعيش في جو روحاني لثلاثة أيام، وبلقاء الإخوة والأخوات، وتبادل الأفكار الحسنة ينال الإنسان تقدما دينيا وروحانيا.  فآمل أنكم قضيتم هذين اليومين (لأن الجلسة هذا العام عُقدت ليومين فقط) واضعين هذه الأمور في الحسبان. لو تحقق أملي هذا لأصبنا حتما الهدف من عقد الجلسة.".

وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:

"لقد جمع كل أحمدي من ألمانيا مائدة روحانية لعام كامل سواء حضر مكان الجلسة للاستماع إلى برامجها أو سمعها في بيته، والآن عليه أن يعمل بما قيل فيها ويجب أن يجعله جزءا من حياته لا يتجزء. فعلى كل واحد أن يقضي حياته واضعا هذا الأمر في الحسبان وإلا لا يمكننا القول بأننا نحاول الحصول على التقوى والتغيّر الحسن الذي من أجله اشتركنا في الجلسة".

وتابع حضرته الحديث عن أهمية وشروط تبني التقوى في ضوء تعاليم القرآن الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كما أوضحها المسيح الموعود عليه السلام.

ومسلطًا الضوء على أهمية الموضوع، ذكر حضرته أن المسيح الموعود (عليه السلام) كتب في بيت شعر له:

"إن جذر كل حسنة هو التقوى" فأوحى الله تعالى إليه شطرا آخر ما معناه: "لو بقي هذا الجذر قائما لبقي كل شيء".

قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:

"باختصار، نحن ندّعي بيعة المسيح الموعود عليه السلام، وإذا أردنا أداء حق البيعة في الحقيقة، فلا بد أن نزرع هذا الجذر في القلوب ليحمل كل من أعمالنا ثمرات التقوى الحلوة وإلا سيكون ادعاؤنا ادعاء فارغا تماما".

وذكر حضرته أن على الراغبين في التقدم في التقوى أن يتفوقوا في عبادة الله، وأن يؤدوا حق خالقهم، وإلا فليس هناك ما يميز بين الإنسان والحيوان الذي يأكل ويشرب وينام ولا يعبد الله تعالى.

ثم نقل حضرة ميرزا مسرور أحمد عن المسيح الموعود (عليه السلام) قوله:

"اعلموا أن الغرض من خلقكم هو أن تعبدوا الله وتكونوا له وحده. يجب ألا تكون الدنيا أكبر همكم. أقول لكم هذا مرة بعد أخرى، لأنني أرى أن هذا هو الأمر الذي خُلق الإنسان من أجله، وهو الأمر الذي ابتعد عنه الإنسان.... إنما أعني أن تروا ما إذا كان رضا الله تعالى في كل ما تقومون به من أعمال الدنيا، وألا تؤثروا مآربكم وأهواءكم على إرادته ومشيئته تعالى.".

وفي ضوء كلام المسيح الموعود (عليه السلام)، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:

"إنه لمقام خوف لذا ينبغي أن يفهم كل واحد منا غايةَ خلقه ومن ثم يسعى لأداء حق الله، ويحسن عباداته. وألا تُغفلنا رفاهية أوروبا أو الدول المتطورة عن غاية خلقنا. إذا كنا كذلك -لا سمح الله- فإننا لم نؤدِّ حق بيعتنا".

ثم بين حضرة ميرزا ​​مسرور أحمد أن السلام والراحة الحقيقية تكمن في تبني التقوى وليس في المساعي المادية، وقال مقتبسًا من كلام المسيح الموعود (عليه السلام):

"أكبر أمنية للإنسان في الدنيا أن يعيش براحة وسكينة، وقد جعل الله لذلك سبيلا واحدا، وهو سبيل التقوى. وبتعبير آخر، سبيل القرآن الكريم، أو ما يسمى الصراط المستقيم.

ولا يظنن أحد أن الكفار أيضا يملكون المال والثراء والعقارات وأنهم يعيشون عيشة راحة وسكينة، كلا، الحقّ والحق أقول: إنهم يعيشون مسرورين في أعين الدنيا، بل في أعين الماديين الحقيرين الناظرين الى ظاهر الأمر، بينما الحقيقة أنهم يقاسون حرقة وألمـًا. إنكم تنظرون الى صورهم، ولكنني أنظر الى قلوبهم.. إنهم مقيدون في سعير وسلاسل وأغلال... هناك نار تشتعل بداخلهم باستمرار.... فإذا أصابتهم خسارة مال، أو فشلت جهودهم في تحقيق ما أرادوا، فيلتاعون ويحترقون كمدا حتى يصابوا بالجنون أحيانا ويترددوا إلى المحاكم قلقين.".

كما نقل حضرة ميرزا مسرور أحمد عن المسيح الموعود (عليه السلام) قوله:

"فكما أنّ مدمن الخمر لا يزال يطلب كأسا بعد كأس، ويشعر بحرقة، كذلك يكون غير الملتزم بالدين في سعير ولا تخمد نار جشعه لحظة واحدة. ويمكن أن ينال المتقي في الكوخ السعادة الحقيقية التي لا يمكن أن ينالها الشخص المادي الجشع في قصره المنيف"

قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:

"علينا أن نرى كيف نتصرف في معاملاتنا اليومية. كيف نتكلم، وبماذا نتكلم، وكيف نتبادل الحديث، وكيف نتحاور في تجاراتنا أو في أي أمر آخر يدرو الحديث حوله فيما بيننا. إذا كنا نستخدم ألسنتنا استخداما خاطئا، فإننا نبتعد عن تعاليم الإسلام وعن التقوى. وبالإضافة إلى أداء حقوق الله تعالى يجب أن نرى ما هي الحقوق التي نؤديها بعضنا لبعض وإلى أي مدى نؤديها."

وتابع حضرته قائلًا:

"من واجبنا أن نفحص مدى تعايشنا معًا بمحبة ومودة، ومدى سعينا لاجتناب الكِبْر، ومدى سلوكنا سبلَ التواضع، ومدى سعينا للوفاء بعهودنا، ومدى جهودنا لإرساء الصدق والحق، لأن توطيد الصدق هو الذي يمكن أن يطهّرنا من الشرك. وأن نرى ما هي مساعينا لحماية أولادنا وأجيالنا القادمة لكي يظلوا متحلين بالتقوى ويسعوا هم الآخرون للعيش وفقًا لأوامر الله وأحكامه.".

ثم أوضح حضرة الخليفة أن شخصية المؤمن وأخلاقه يجب أن تكون سامية جدًا بحيث يسهل تمييزه في المجتمع.

قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:

"يجب أن تكون المحبة المتبادلة بيننا بحيث تميز كل مؤمن عن غيره. ينبغي أن نضرب أروع الأمثلة في كل مجال بدءًا من معاشرتنا في بيوتنا إلى علاقاتنا العامة في المجتمع، ويجب أن تكون نماذجنا هذه مشهودة للناس. أما بدون هذه النماذج فلن يسود السلام البيوتَ ولا المجتمع".

كما ألقى حضرة ميرزا مسرور أحمد الضوء خلال خطابه على عدد من الرذائل الأخلاقية، وقال متحدثًا بشكل خاص عن سوء الظن:

"قد عدّ الله تعالى سوء الظن سيئة كبيرة جدا، لأنه يدمر أمن وسلام المجتمع، وبناء على هذا الأمر الإلهي قد قال النبي : "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا". وقد ذكر النبي كثيرا من المعاصي ونهى عنها، لأنها تدمر سلام المجتمع".

ثم أوضح حضرته أن الطريقة الوحيدة التي يمكن للفرد أن يحمي بها نفسه من الهجمة المستمرة للتأثيرات الشيطانية في الحياة هي أن يلجأ بصدق إلى الله ويسعى لعيش حياته بالكامل وفقًا لأوامر الله.

وفي تفصيل  هذا الأمر، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:

"كونوا عباد الله الحقيقيين. أي كونوا عباد الرحمن، وليس عباد الرحمن إلا الذين يؤدون حقوق الله كما يؤدون حقوق خلَقه أيضا عملاً بأوامره تعالى. فالمرء إذا سعى ليكون عبدا لله تعالى، فمن المحال أن يقع في المساوئ."

وقال حضرة ميرزا مسرور أحمد، موليًا أهمية خاصة لأداء حقوق الآخرين:

"علينا أن نفحص أنفسنا لنرى ما إذا كانت قلوبنا عامرة بالتقوى، أم فيها أهواء أنفسنا. إذا كانت قلوبنا لا تكنّ احترامًا للآخرين وليس فيها عاطفة أداء حقوقهم، فاعلموا أن قلوبنا خالية من التقوى، ومهما صلينا وعبَدْنا فلن نكون من أهل التقوى عند الله تعالى".

وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:

"هناك حاجة ماسة لنفحص قلوبنا حتى نرى ما بداخلها، ولنعلم هل فيها تقوى الله وخشيته أم أنها أهواء الدنيا والأماني لتحقيق هذه الأهواء ولو بطرق غير شرعية. فإن لم تكن قلوبنا صافية وطاهرة كليا وإذا كنا لا نؤدي حقوق الآخرين مؤثرين أنفسنا عليهم فإننا بعيدون عن التقوى، وستكون نتيجة هذه الحالة تدمير سلام المجتمع.".

ثم قال حضرة ميرزا مسرور أحمد متحدثًا عن سيئة التكبر:

"إن التكبر مرض سيء للغاية وينبغي أن يسعى الجميع لاجتنابه. وإذا بحثنا عن أسباب التكبر رأينا أكبرها التفاخر والتباهي، وهو أن يعدّ أحد نفسَه شيئًا ويتفاخر بشخصيته وبقومه وبثروته وبعلمه وبأولاده بأنه أنجب أولادًا كثيرين وأنهم أذكياء ومثقفون، وما إلى ذلك. وإن مثل هذا التفاخر أو عدّ النفس أفضلَ من الآخرين يزرع في الإنسان بذرة التكبر، والحقيقة أن هذه الأمور ليست مما يعدّ فخرًا للإنسان عند الله تعالى، ولا يعدّ محكًّا لاعتبار أحد أفضل من غيره، لأن الله تعالى قال: ]إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ[ (الحجرات: 14). فإن الأمور الدنيوية لا تعدّ محكًّا عند الله تعالى لاعتبار أحد معززًا أو مكرّمًا. وإذا كان الأمر كذلك فبمَ يتفاخر الإنسان؟"

ثم ذكر حضرة ميرزا مسرور أحمد أن التقوى وحدها معيار العظمة عند الله تعالى، وقال مشيرًا إلى الضعف المتأصل في الإنسان:

"فهل للإنسان مقاومة الآفات السماوية عند نزولها؟ بل إن المتكبرين أيضا لدى تعرضهم لهذه المصائب يبكون كالأطفال. لقد أحدثت الأمطار الغزيرة دمارًا في ألمانيا في الفترة الأخيرة، ولقد رأيت كبار رجالاتها الذين كانوا يظهرون على التلفاز والذين كانوا يظنون في السابق أنهم في مأمن من كل هذه المصائب ولا يمكن أن يضر بهم شيء -فقد أخبرهم الله تعالى أن الذات الحقيقية الباقية هي ذات الله تعالى- وأولئك الذين كانوا ذريعة لإطعام الناس سابقًا أصبحوا يستجدون رغيفًا لهم واقفين في الطوابير.

فبم يتكبر الإنسان وقد أخبره الله تعالى بأنه ليس في الإنسان شيء يعظّمه ويكبّره. فعلى الأحمدي أن يتذكر دومًا أمر الله تعالى بخلق التواضع في النفس، ويخبرنا الله تعالى بأنكم بتواضعكم ستنالون محبته".

وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:

"اعلموا أنه ليس المؤمن الحقيقي إلا الذي يكون متواضعًا أشد التواضع، وإن تواضعه هذا يجعله يستقيم بالتقوى. إنما يمكن لأصحاب القلوب التي تتحلى بالتقوى الحفاظ على أنفسهم وعلى ذراريهم، كما يمكنهم إقامة السلام في المجتمع".

كما ذكر حضرته أن الشرط الآخر لبلوغ التقوى هو الوفاء بالعهود، وهذا يشمل الوفاء ببيعتنا للمسيح الموعود (عليه السلام).

قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:

"عهد البيعة ليس عهدا بسيطا... وإذا أدينا حق البيعة فسوف نرى عن قريب حدوث انقلاب في العالم."

ودعا حضرة ميرزا مسرور أحمد المسلمين الأحمديين إلى إحداث تغيير روحاني دائم في أنفسهم حيث قال:

"إذن انهضوا من هنا اليوم عاقدين العزم على أنكم ستسعون جاهدين لأداء حق البيعة، وتؤدون حق التوبة بحيث تتوبون إليه تماما، لكي نعدّ من محبي الله تعالى".

وفي ختام خطابه، دعا حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:

"نسأل الله تعالى أن يوفقنا لإحراز هذه المعايير للتقوى، حيث لا تكون أقوالنا كلاما فقط، بل يجب أن يرى العالم أن هؤلاء يعملون بحسب ما يقولون، وأنهم يؤْثرون مرضاة الله على كل أمورهم، وأنهم يستجيبون لأوامر الله تعالى. إذا كانت هذه الأمور تفصح للآخرين عن حقيقة الإسلام ففي الوقت نفسه ستخلق في بيوتنا السكينة أيضا، وتُصلح أجيالنا وتحسِّن عقباهم، وفقنا الله تعالى لنكون أحمديين حقيقيين بحسب ما كان يتمنى المسيح الموعود عليه السلام".

لقراءة الخطاب كاملا اضغط هنا 

خطبة الجمعة

خطبة الجمعة التي ألقاها حضرة أمير المؤمنين أيده الله بتاريخ 10-12-2021

خطبة الجمعة التي ألقاها حضرة أمير المؤمنين أيده الله بتاريخ  10-12-2021

مشاهدة الخطبة

الأخبار
إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية يلقي خطبة عيد الفطر من إسلام أباد
أمير المؤمنين أيده الله يُهيب بالأحمديين أن يدعوا للشعب الفلسطيني المظلوم وأسرى الجماعة في اليمن
100 عام على وجود الجماعة الإسلامية الأحمدية في غانا:اختتام الجلسة السنوية التاريخية في غانا لعام 2024 بخطاب ملهم للإيمان
وفد من خدام الأحمدية من ولاية كونيتيكت في الولايات المتحدة الأمريكية يتشرف بلقاء إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية
اختتام جلسة قاديان السنوية لعام 2023 بخطاب ملهم للإيمان
أنصار الله من فرنسا يتشرفون بلقاء افتراضي مع إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية
إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية يحذر من أن الحرب العالمية تلوح في الأفق
إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية يدعو إلى وقف التصعيد في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية
إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية يلقي الخطاب الختامي في الاجتماع الوطني لمجلس أنصار الله في المملكة المتحدة
الاشتراك في القائمة البريدية

انضموا للقائمة البريدية واطلعوا على كل ما هو جديد في الموقع.